وزير إسرائيلي ومستوطنون يقتحمون الأقصى ويفجرون صدامات دامية مع المصلين

شيوخ الأقصى: إسرائيل تراجعت عن اتفاقها مع الأردن وعادت إلى الاستفزازات السياسية

جندي من «حرس الحدود» الإسرائيلي يعتقل فلسطينيًا خلال الاعتداءات على المصلين الفلسطينيين في الأقصى (رويترز)
جندي من «حرس الحدود» الإسرائيلي يعتقل فلسطينيًا خلال الاعتداءات على المصلين الفلسطينيين في الأقصى (رويترز)
TT

وزير إسرائيلي ومستوطنون يقتحمون الأقصى ويفجرون صدامات دامية مع المصلين

جندي من «حرس الحدود» الإسرائيلي يعتقل فلسطينيًا خلال الاعتداءات على المصلين الفلسطينيين في الأقصى (رويترز)
جندي من «حرس الحدود» الإسرائيلي يعتقل فلسطينيًا خلال الاعتداءات على المصلين الفلسطينيين في الأقصى (رويترز)

حولت شرطة الاحتلال الإسرائيلي باحات الأقصى، أمس، إلى ساحة حرب، عندما أعادت احتلالها من جديد، واعتدت على المصلين والمصليات الذين حاولوا صد مئات المستوطنين اليهود، الذين اقتحموا الساحة، يتقدمهم وزير الزراعة الإسرائيلي، أوري أرئيل.
وأغلقت الشرطة جميع الطرقات إلى الحرم القدسي، وانتهى اليوم باعتقال نحو عشرين فلسطينيا، بينهم امرأتان وثلاثة أطفال، وإصابة قرابة ثلاثين بجروح، إضافة إلى جرح أربعة من رجال الشرطة. وأبدى شيوخ الأقصى قلقا شديدا من هذه التطورات، مؤكدين أن إسرائيل غيرت سياستها. وعلى الرغم من تعهداتها للأردن، فإنها تنوي، على ما يبدو، العودة إلى مشروعها الاستعماري لتقسيم الأقصى ووضع جزء منه تحت تصرف المستوطنين.
وصرح الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، بأن هذه الهجمة على المسجد الأقصى هي الأكثر وحشية لغاية الآن وغير مسبوقة. وحذر صبري من أن يكون هدفها جعل الوجود اليهودي في الأقصى ثابتا، كما جرى في الحرم الإبراهيمي في الخليل. وقال إن «القدس بحاجة ماسة إلى وقفة عربية وإسلامية جدية وفاعلة، قادرة على ردع ومحاسبة إسرائيل على عدوانها المتواصل ضد المدينة المقدسة».
وكانت استفزازات المستوطنين قد بدأت مبكرا، حين قرروا إحياء الذكرى السنوية لخراب الهيكل في باحة الأقصى. والحديث يجري عن مجموعة من المستعمرين المتطرفين، إذ إن اليهود عموما يحيون ذكرى الهيكل أمام حائط المبكى (البراق)، الذي يؤمنون بأنه أحد جدران الهيكل الذي بقي سليما ونجا من التهديم. لكن هؤلاء المتطرفين، وفي مقدمتهم الوزير أرئيل، اختاروا الصلاة في الباحات داخل الحرم القدسي. وقد اقتحموا المكان تحت حماية مشددة من قوات الشرطة التي كانت قد انتشرت منذ أيام وبأعداد كبيرة، في أزقة القدس القديمة وعلى أسطح المباني فيها. وقال الناطق بلسان الشرطة انه توقع هذه الصدامات اليوم (أمس).
وحسب رصد دائرة الأوقاف في الأقصى، فإن عدد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى، أمس، زاد على 850 مستوطنا، تحرسهم قوات إسرائيلية تزيد على ألفين. وقد دخلوا باحات الأقصى من بوابات عدة، وخلقوا جوا من التوتر الشديد، خصوصا وأن الشرطة أغلقت بوابات القدس أمام كل فلسطيني ذكر يقل عمره عن الخمسين عاما، ومنعته من دخول الحرم. وعندما رأت أن شبانا تسللوا إلى الحرم بطريقة ما، هجموا عليهم وراحوا يضربونهم بالهراوات، على رؤوسهم بشكل مقصود، ويطلقون باتجاههم القنابل الصوتية والدخانية. ورد المصلون والمصليات بالهتاف والتكبير: «بالروح والدم نفديك يا أقصى». فراحت تفرقهم بالقوة. ولم تنج النسوة من الاعتداء والاعتقال والإصابات.
وقد أصيب عشرات من المصلين بحالات اختناق وجروح متفاوتة. واعتقلت قوات الاحتلال 5 شبان وسيدتين مقدسيتين، وأصيبت حارسة في المسجد الأقصى وامرأة في رأسها جراء تعرضها لقنبلة صوتية، وأخرى أغمي عليها، عدا عن حالات الاختناق جراء قنابل الغاز.
بالإضافة إلى ذلك، منعت الشرطة الإسرائيلية الحافلات المتوجه إلى مدينة القدس من مدن وقرى البلدات العربية الأخرى في الداخل الفلسطيني من الوصول إلى مدينة القدس، إذ نصبت الحواجز على الطرقات الرئيسية والمحاور المؤدية إلى المدينة، حيث تولى أفراد الشرطة إعادتها وعرقلة مسيرها ومخالفة سائقها، وجرت اشتباكات معهم، وتم اعتقال كثيرين.
وأدانت «القائمة العربية المشتركة» بشدة هذه الاعتداءات، وبشكل خاص الدخول المستفز للوزير الإسرائيلي المتطرف، أوري أرئيل، لباحات المسجد الأقصى، وقالت: «إن هدف دخوله الاستفزازي تغيير الوضع القائم، الأمر الذي سيؤدي إلى إشعال النيران في المنطقة». وأضافت: «هذا يسمى حرمان المسلمين من حرية العبادة من خلال استخدام العنف والقوة ومهاجمة المصلين والمعتكفين».
وقال رئيس كتلة «القائمة المشتركة»، مسعود غنايم، الذي وجد في الأقصى سوية مع النائبين عبد الحكيم حاج يحيى وطلب أبو عرار، منذ ساعات الصباح: «تشهد باحات المسجد أجواء حرب عقب دخول الوزير أرئيل برفقة قطعان اليهود المستوطنين، الذين يحاولون مستميتين، تغيير الوضع الراهن وإشعال الحرب. القدس منطقة محتلة وهي بمسؤولية الأردن وفق الاتفاقيات الدولية التي نكثتها إسرائيل بشكل صارخ، من خلال فرض قوات الاحتلال تقييدات مشددة على دخول المصلين ومنع الرجال دون الخمسين، فيما تتيح اقتحام مجموعات من اليهود المستوطنين، تحت حراسة أمنية مكثفة، لإحياء ذكرى ما يسمى خراب الهيكل، ومن يحاول تقسيم الأقصى بالقوة فإنه يسفك الدماء ونحن ضد سفك الدماء».
من جهتها، أكدت النائبة عايدة توما - سليمان، أن دخول أرئيل وقطعان اليمين المتطرف، تصعيد خطير يأتي ضمن سلسلة الانتهاكات المتكررة للمسجد الأقصى، ومحاولات تغيير الوضع القائم في ظل رعاية حكومة يمينية واستيطانية.
واستنكرت الحكومة الأردنية أيضا، ما وصفته الاستفزازات الإسرائيلية والاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى التي وقعت صباح الأحد. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، إن «اقتحام المسجد الأقصى من قبل عدد من المستوطنين ووزير الزراعة الإسرائيلي، واعتداءات قوات الاحتلال على حراس المسجد والمصلين، هو استفزازات إسرائيلية لمشاعر العرب والمسلمين». وإن «انتهاك قدسية الحرم القدسي الشريف والاعتداء على حراسه وعلى المصلين، هو انتهاك لمشاعرنا، ومن شأنه أن يؤدي إلى مزيد من مشاعر العداء». وطالب المومني الحكومة الإسرائيلية بتحمّل مسؤولياتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال و«الحيلولة دون تكرار مثل هذه الاعتداءات الآثمة على قدسية المكان وعلى الحراس والمصلين».
من جهتها، بثت الشرطة الإسرائيلية شريطا يبين كيف قام عدد من الشبان الملثمين بقذف رجالها بالحجارة داخل الحرم، وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد: «كانت الشرطة الإسرائيلية مستعدة سلفا، بعد أن ألقى حشد من الفلسطينيين داخل المسجد الأقصى الطوب والحجارة على رجال الشرطة عند باب المغاربة. وحدة الشرطة التابعة لنا دخلت منطقة جبل الهيكل من أجل أن تواجه الاضطرابات وسيطرت على الموقف بسرعة. ونتيجة لذلك أصيب عدد من رجال الشرطة بجراح طفيفة وعولجوا في المكان. بشكل عام، وحداتنا موجودة في أنحاء مدينة القدس القديمة وعند الحائط الغربي، لضمان ألا تتكرر الاضطرابات في التاسع من أغسطس (آب/ الشهر الثامن بالتقويم اليهودي)، وكذلك الصيام القائم اليوم في القدس». وتباهت الشرطة بأنها أتاحت دخول 1200 مصلٍ يهودي إلى باحة الأقصى.



أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.